أنهي
عمله في ساعة متأخرة , حمل حقيبته الصغيرة وقرر المغادرة , حيث كانت الأجواء شتوية
نوعا ما , حين أقتربت الساعة من منتصف الليل , وبدأ في السير نحو منزله , أثناء
سيره فكر في أن يجد نهاية مختلفة لروايته هذه اليوم , لمح بطرف عينه على الناصية
الأخرى من الطريق , الشارع المقرب إلى قلبه , حيث يقطن به بائع الخمر .
انحرف
قليلا بقدميه , وسار مترجلا نحو حانة صغيرة في زاوية بشارع مظلم بالكاد يظهر من
بين حوائط منازله بصيصا من الأنور , لا يجد أحد من قاطني الشارع أمامه , لايوجد
سوى سياراتهم أمام منازلهم , فرصة سعيدة لكي لايرى أناس يتطفلون ,و يلومونه على
شرب الخمر , معللين رأيهم بأنه يشرب الخمر من أجل أن يهرب من مشاكله , ولكن هو يرى
أن زجاجة من الخمر محلية الصنع , لا تشفع له لكي يهرب من مشاكله , المشاكل معقدة ,
ولكن الخمر ردئ , مفعوله لا يحقق له سوى قدر من السعادة اللحظية , هو لا يطلب أكثر
من ذلك , فلحظات السعادة من عمرنا معدودة , وأغبياء نكون إن رأيناها ولم ندركها .
وفي
الوقت الذي كان قد أقترب فيه من الحانة , رأي قطا صغيرا يسير مترنحا , وكأنه يبطئ
من خطواته بائسا , لايريد أن يصل سريعا لمكان مبيته أسفل سيارة داخل هذا الشارع
المظلم , توقف صديقنا يراقب القط وخطواته البطيئة , وهنا تحركت جيناته البشرية ,
وفكر ماذا لو تطفل وطارد القط الصغير , ليجعله يسير أسرع مما كان , القط بدوره
أسرع في خطوته وأختبئ أسفل السيارة بعدما تطفل عليه بشري ساذج , أراد فرض سيطرته
على كائن ضعيف , كان يأمل في أن يعيش لحظات سعيدة بعيدا عن تطفل الأخرين عليه .
فاق
صديقنا من تطفله البشري سريعا وأدرك ما فعله تجاه هذا القط المسكين , وتسائل في
عقله , لماذا قام بهذا الأمر , لماذا تطفل , لماذا حرم القط من سعادته , وأجبره
على العودة سريعا إلى منزله , فقرر هو الأخر العودة إلى منزله , معلنا نهاية ليومه , مثلما كانت
نهاية يوم القط , فالتطفل على الأخرين يسبب لهم لحظات غير سعيدة في حياتهم , وبدأ
في أحلام يقظته متمنيا أن يصبح ولا يجد للتطفل البشري تواجد بين بؤساء هذه الحياة
, ونام وظل بائسا .