الأربعاء، 28 مايو 2014

وعدا ..سنسقط أولهيتك - قصة قصيرة -



بينما كان الملك يسير بساحة القصر الواسعة
جميع الحقوق محفوظة للرسام عمر فتحي
حضر بمخيلته مشهد حاشد من المواطنين يهتفون باسمه
المشهد كان خياليا , رائعا , مشعلا للعظمة بداخل الملك
تمنى لو عاش هذا المشهد ,
 ولكن كيف والمواطنين لا يهمهم سوى البحث عن المال
سرعان ما ألتفت الملك ناحية أحد حراسه ,
وطلب منه القدوم ,, وتقدم الحارس ناحية الملك
فسأله الملك ,, ماذا يغنيك عن المال ؟
لم يتردد الحارس في الإجابة وقال "الجنة" ,
سريعا عاد الملك لكرسي حكمه بالغرفة الملكية بالقصر ,
وتجدد المشهد , ثانية , الملك يسمع الهتاف , ولكن ليس بإسمه هذه المرة
الملك يسمع هتاف "أمنحنا الجنة " ..
كانت فكرة إلوهيته قد أخذت خطوتها الأولى بالساحة الملكية بجوار الحارس
ولكنها تبلورت حدودها على كرسي الملك , الذي سيصعد به إلى السماء

في اليوم التالي , أنعقد مجلس الحاشية , قائد الحرس , الكاهن الأعلى , رئيس المنادين
قال لهم الملك : انا من اليوم "إله" , أود أن أصعد للسماء من الساحة الملكية , وهذا دوركم .
اجتمع المجلس وأعدوا الخطة لتنصيب الملك "إله" ,, واتفقوا ...
الكاهن سيقوم بنشر معجزات الملك الإله .. والمنادين سيقومون بترديدها في الأسواق
ومهمة الحراس وقائدهم , دس البصاصين بالأسواق لاقتلاع جذور أي فعل يقلل من شأن تلك المعجزات

سرعان ما انتشرت , معجزات الملك "الإله" ,, الكاهن يقول والمنادون يدعمون
عدد كبير بدأ يأمل بالجنة على أيدي الملك ..
سرعان ما نبذ هؤلاء , من يشككون في الإله

ساد السخط من المشككون في الملك وإلوهيته , الشك في صدق معجزاته , والسخرية أحيانا منها
لكن ;  البصاصين لم ينتبهون لهم , ظلوا ينقلون لقائدهم روايات التأييد لمعجزات الملك .

حانت اللحظة , تلك التي يحلم بها الملك , ليلا ونهارا
خرج للساحة لكنها كانت خاوية الا من بضع الرجال المؤمنين بمعجزاته الزائفة
عاد مسرعا ,, اجتمع مع مجلس الحاشية , توبيخه لهم لم يسبق له مثيل ...
قاله لهم جملة واحد .. إما أكون إلهً , أو تكونوا موتى !

سار المنادون والبصاصون هرجا ومرجا في الاسواق من أجل إقناع الرعية بمعجزات الملك ,
الترهيب كان أكثر من الترغيب , كانت العقوبة جاهزة , سخط من الإله , قبل الصلب , والقتل ,
ما بين خوفا من العقوبة , وتصديقا للمعجزات , خرجت نسبة كبير من الرعية ,
 للهتاف وتأييد الملك في الساحة , "امنحنا الجنة" "إلهنا الجليل " , هذا ما تمناه الملك الإله مسبقا
وأطلق قولا حماسيا كان شرارة انتزاع إلوهيته فيما بعد فقال : "بهتافاتكم تمنحوني القدسية" ..

كانت تلك الجملة مسمار في نعش الإله الجديد ,
 سادت في الأسواق حالة من الاستياء والتساؤل وتجدد الشك بعدم صحة معجزاته
فكيف لبشر أن يمنحون القدسية لبشري مثلهم فيصبح إله ,, وكيف أن يتم تنصيب إله بحشود من الرعية
إذا بحشود أخرى ينصب إله أخر ويسقط الإله الحالي , ,إرتفع حينها هتاف في الأسوق,, وعدا ..سنسقط أولهيتك
ولكنها ظلت هتافات فقط , وظل التساؤل , كيف لبشر أن يمنحون القدسية لإله ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق